وفي أواخر الستينيات من القرن العشرين، أصبح العدد الكلي للقذائف والرؤوس الحربية النووية كبيرًا إلى درجة تنذر بالخطر. فهذه الأسلحة كانت لها قوة تدميرية تستطيع أن تبيد الكثير من سكان العالم. عند ذلك، بدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق مفاوضات لإنهاء سباق القذائف. وتوصلت الدولتان إلى عدة اتفاقيات تحد من إنتاج أنواع معينة من القذائف. وفي نهاية الثمانينيات، اتفقت الدولتان على تقليص ترساناتهما من القذائف بشكل كبير. وأصبحت هذه الاتفاقيات مثار تساؤل بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991م. ولكن، وافقت روسيا وبعض الدول التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفييتي (1992م) على الحد من هذه القذائف. وفي عام 1993م، وقعت روسيا والولايات المتحدة اتفاقية تضمنت تقليصًا كبيرًا لهذه القذائف.
. يستعمل العلماء صواريخ لاكتشاف الغلاف الجوي المحيط بالأرض، وتحمل الصواريخ الصوتية التي تسمى أيضًا صواريخ الأرصاد الجوية أجهزة مثل: مقياس الضغط الجوي، وآلات التصوير والترمومترات إلى الغلاف الجوي. وتجمع هذه الأجهزة المعلومات عن الغلاف الجوي، وترسلها بالراديو لأجهزة الاستقبال الأرضية. تسمّى هذه الطريقة في جمع المعلومات وإرسالها لمسافات بعيدة بالراديو
قياس البعد أي القياس عن بعد، طريقة للقياس يستخدمها العلماء والمهندسون بأشكال مختلفة. فقد يرسل العلماء بالونات جوية على ارتفاع يتراوح مابين 30كم و50كم في الجو؛ لقياس درجة الحرارة والضغط، والرطوبة فوق الأرض. وترسل الأجهزة التي تعمل بموجات الراديو والمثبتة بتلك البالونات هذه المعلومات إلى الأرض.
كما تُستخدم الأقمار الصناعية أيضًا لقياس الأحوال الجوية على سطح الكرة الأرضية وفي المحيطات. وترسل هذه الأقمار الصناعية المعلومات التي تجدها إلى محطات الاستقبال الأرضية. وتستخدم محطات الاستقبال هذه مختلف أجهزة الحاسوب؛ لتحليل تلك الكمية الهائلة من المعلومات التي تتلقاها.
كما تساعد أجهزة قياس البعد الناس على اكتشاف الفضاء الخارجي. وترسل أيضًا الصواريخ والمركبات الفضائية معلومات خاصة عن أدائها، وعن حالات الفضاء الجوي إلى العلماء والمهندسين الموجودين على الأرض. وتوفر أجهزة قياس البعد، في الرحلات الفضائية المأهولة معلومات عن الحالة الجسمية لرواد الفضاء، كأن ترسل تقريرًا عن معدل النبض وضغط الدم ودرجة الحرارة. وتستخدم معدات دقيقة صغيرة الحجم في سفن الفضاء لتوفير كل من الحجم والوزن.
ويتألف نظام قياس البعد من جهاز القياس ومرسل ومحطة استقبال. فعلى سبيل المثال، يستخدم نظام قياس البعد الذي يسجل درجات الحرارة في مناطق نائية، مقياس حرارة كهربائيًا أداة للقياس. وترسل الإشارات الصادرة عن هذه الأداة بموجات الراديو أو الأسلاك إلى محطة الاستقبال. وتسجل المعدات الموجودة في محطة الاستقبال تلك الإشارات على شريط ممغنط، ثم تحولها إلى قراءات مترية ورسوم بيانية.
قياس البعد
توفر الصواريخ الطاقة اللازمة لطائرات الأبحاث العلمية. ويستعمل المهندسون هذه الطائرات في تطوير سفن الفضاء. ويتعلم المهندسون من خلال دراسة رحلات هذه الطائرات كالصاروخ الموجّه إكس -15، كيفية التحكم في المركبة للطيران أسرع من الصوت عدة مرات.
إطلاق المجسات والأقمار الصناعية
. تُسمَّى الصواريخ التي تحمل أجهزة أبحاث في رحلات طويلة لاكتشاف المجموعة الشمسية المجسات. وتجمع المجسات القمرية هذه المعلومات عن القمر. ويمكنها الطيران إلى أبعد من القمر، والدوران حوله أو الهبوط على سطحه. وتأخذ المجسات بين الكوكبية رحلة ذات اتجاه واحد إلى الفضاء من خلال الكواكب. وتجمع المجسات الكوكبية المعلومات عن الكواكب. ويحلِّق المجس الكوكبي في مدار حول الشمس مع الكوكب المكتشف. وقد اكتشف أول مجس كوكبيّ كوكبيْ المريخ، والزهرة. كما اكتشفت المجسات أيضًا كلاً من المشتري، وزحل، ونبتون.
تحمل الصواريخ الأقمار الصناعية في مدارات حول الأرض. وتجمع بعض هذه الأقمار المعلومات للبحث العلمي. وينقل بعضها الآخر المحادثات الهاتفية أو البث الإذاعي والتلفازي عبر المحيطات. وتستخدم الجيوش الأقمار الصناعية للاتصالات والحماية ضد الهجوم الصاروخي المفاجئ، كذلك يستخدمون الأقمار الصناعية لتصوير قواعد صواريخ الأعداء.
تُسمّى الصواريخ التي تحمل المجسات والأقمار الصناعية صواريخ حاملة أو عربات الإطلاق، وأغلب هذه الأنواع تكون ذات مرحلتين أو ثلاث أو أربع مراحل. وهذه المراحل تضع القمر الصناعي على ارتفاعه المناسب، وتعطيه سرعة كافية تصل إلى 29,000كم/ساعة ليظل في المدار. ويجب أن تكون سرعة المجسات بين الكوكبية حوالي 40,200كم/ساعة للتخلص من الجاذبية الأرضية والاستمرار في رحلتها.
السفر عبر الفضاء
. توفر الصواريخ الطاقة لمركبة الفضاء التي تدور حول الأرض وتطير إلى القمر والكواكب. وهذه الصواريخ، مثل تلك المستعملة في قذف المجسّات والأقمار الصناعية، تسمى الصواريخ الحاملة أو عربات الإطلاق.
كانت الصواريخ الحربية أو الصواريخ الصوتية أولى السفن الفضائية التي تم إطلاقها، والتي حوَّرها المهندسون قليلاً لحمل سفن الفضاء؛ فقد أضافوا مثلاً مراحل إلى بعض هذه الصواريخ لزيادة طاقتها. وأحيانًا يلجأ المهندسون إلى صواريخ أصغر كمرحلة أولى لقذف مركبة فضاء. وتوفّر هذه الأداة الإضافية قوة دفع إضافية لقذف سفينة فضاء أثقل.
كان الصاروخ ساتورن ـ ف الذي حمل أول رائد فضاء أمريكيًا إلى القمر، أقوى مركبة إطلاق أمريكية. وكان يزن أكثر من 2,7 مليون كجم قبل الإطلاق وكان طوله 111 م. وكان من الممكن أن يحمل سفينة فضاء تزن أكثر من 45,000 كجم للقمر. وقد استعمل ساتورن ـ ف 11 محركًا صاروخيًا للدفع في ثلاث مراحل.
يستطيع مكوك الفضاء القابل للاستخدام مرات عديدة أن يحلِّق في الفضاء ويعود إلى الأرض ليقوم برحلات أخرى. ويمكن لمثل هذا المكوك أن يحمل آدميين ومستلزمات إلى ومن محطات فضائية قد تدور حول الأرض. كذلك سوف توفر المراكب الصاروخية الموجهة الأصغر التي تسمى سفن الفضاء التنقل لمسافات قصيرة يومًا ما، مثل التنقل من مركبة مكوك إلى محطة فضاء، أو من قمر صناعي إلى آخر. هذه المركبات سوف توفر القوة للمجسات الفضائية التي تطلق إلى الكواكب من مدار الأرض.
استعمالات أخرى.
استعملت الصواريخ طوال عدة سنوات كإشارات استغاثة من السفن والطائرات وكذلك من الأرض. كذلك تطلق الصواريخ خطوط الإنقاذ للسفن في المحيطات. كما تقوم صواريخ صغيرة تسمى جاتو بمساعدة الطائرات ثقيلة الحمولة على الإقلاع. وقد استعملت الصواريخ لفترة طويلة في الألعاب النارية. ويستعمل العلماء الصواريخ لرش السحب بالمواد الكيميائية للتحكم في الطقس.
أنواع الصواريخ
هناك أربعة أنواع رئيسية من الصواريخ: 1- صواريخ الوقود الدافع الصلب 2- صواريخ الوقود الدافع السائل 3- الصواريخ الكهربائية 4- الصواريخ النووية.
صواريخ الوقود الدافع الصلب.
صاروخ الوقود الدافع الصلب يحرق مادة صلبة تسمى الحبوب. يصمم المهندسون أغلب الحبوب بلب أجوف. ويحترق الدافع من اللب إلى الخارج. ويحجب الدافع غير المشتعل غلاف المحرك من حرارة الاحتراق.
تحرق مادة بلاستيكية أو مطاطية تسمى الحبوب. وتتكون الحبوب من الوقود والمؤكسد في الحالة الصلبة. على خلاف بعض أنواع الوقود السائل، فإن الوقود والمؤكسد للمادة الصلبة لا يشتعلان إذا تلامسا مع بعضهما. ويجب إشعال الوقود بإحدى طريقتين: يمكن إشعاله بحرق شحنة صغيرة من المسحوق الأسود وهو خليط من نترات البوتاسيوم، والفحم النباتي والكبريت. كذلك يمكن إشعال الوقود الصلب بالتفاعل الكيميائي لمركب كلور سائل يرش على الحبوب.
تتراوح درجة الحرارة في غرفة الاحتراق للوقود الصلب للصاروخ بين 1,600° و 3,300°م. يستعمل المهندسون في أغلب هذه الصواريخ الفولاذ القوي جدًا أو التيتانيوم لبناء حوائط الغرفة حتى تقاوم الضغط الذي ينشأ عن درجات الحرارة العليا. كذلك يستعملون الألياف الزجاجية أو مواد بلاستيكية خاصة.
يحترق الوقود الصلب أسرع من الوقود السائل، لكنه ينتج قوة دفع أقل من التي تنتج من احتراق نفس الكمية من وقود سائل في نفس الوقت. يظل الوقود الصلب فعالاً لفترات طويلة من التخزين ولا يمثل خطورة تذكر حتى عند الإشعال. ولا يحتاج الوقود الصلب إلى أجهزة للضخ والمزج اللازمة للوقود السائل، لكنه من ناحية أخرى، صعب إيقافه وإعادة إشعاله. والمفترض أن تتوفر لرواد الفضاء القدرة على إيقاف وبدء عملية احتراق الوقود حتى يمكنهم التحكم في طيران سفنهم الفضائية. وهناك طريقة واحدة تستعمل لوقف الاحتراق وهي نسف مقطع الفوهة من الصاروخ. لكن هذه الطريقة تمنع إعادة الإشعال.
تُستعمل صواريخ الوقود الصلب أساسًا في استخدامات الجيوش. ويجب أن تكون الصواريخ الحربية مستعدة للانطلاق في أي لحظة، ويمكن تخزين الوقود الصلب أفضل من أي وقود دافع آخر. وتوفر صواريخ الوقود الصلب الطاقة للصواريخ العابرة للقارات، بما في ذلك صاروخ مينوتيمان-2، وإم إكس، وكذلك للقذائف الصغيرة مثل هوك، وتالوس، وتِريرْ. وتُسْتَعْمَل صواريخ الوقود الصلب أداة إضافية لحمل الصواريخ مثل: صواريخ جاتو، وتستعمل كذلك بمثابة صواريخ صوتية. كما تستعمل صواريخ الوقود الصلب في عروض الألعاب النارية.
صواريخ الوقود الدافع السائل.
صاروخ الوقود الدافع السائل يحمل الوقود والمؤكسد كلا في خزان منفصل. يدور الوقود خلال غلاف تبريد المحرك قبل دخوله غرفة الاحتراق. هذه الدورة ترفع درجة حرارة الوقود للاحتراق وتساعد على تبريد الصاروخ.
تحرق خليطًا من الوقود والمؤكْسِد في شكل سائل. وتحمل هذه الصواريخ الوقود والمؤكْسِد في صهريج منفصل. وتغذي شبكة من الأنابيب والصمامات عنصري الوقود داخل غرفة الاحتراق. وينبغي أن يمر الوقود أو المؤكسد حول الغرفة قبل المزج مع العناصر الأخرى. هذا من شأنه أن يبرِّد غرفة الاحتراق ويسخِّن مسبقًا عناصر الوقود للاشتعال.
تتضمن طرق تغذية الوقود والمؤكْسد إلى غرفة الاحتراق استعمال إما مضخات أو غاز ذي ضغط عال. وأكثر الطرق المألوفة هي استعمال المضخات. ويشغل الغاز المنتج باحتراق جزء صغير من الوقود المضخة التي تدفع الوقود والمؤكسد إلى غرفة الاحتراق. أما الطريقة الأخرى، فيدفع الغاز عالي الضغط الوقود والمؤكْسد إلى غرفة الاحتراق. ويمكن الحصول على مصدر الغاز ذي الضغط العالي من النيتروجين، أو بعض الغازات الأخرى المخزونة تحت الضغط العالي، أو من حرق كمية صغيرة من الوقود.
بعض أنواع الوقود السائل التي تسمى ذاتية الاشتعال تشتعل عندما يتلامس الوقود والمؤكسد. لكن معظم أنواع الوقود السائل تحتاج إلى جهاز إشعال. يمكن أن يشتعل الوقود السائل عن طريق شرارة كهربائية، أو حرق كمية صغيرة من مادة متفجرة صلبة داخل غرفة الاحتراق. يستمر الوقود السائل في الاحتراق ما دام سريان خليط الوقود والمؤكسد مستمرًا في الوصول إلى غرفة الاحتراق.
تُبنى أغلب خزانات الوقود السائل من الفولاذ أو الألومنيوم الرقيق عالي الصلابة. وأغلب غرف الاحتراق في هذه الصواريخ مصنوعة من الفولاذ أو النيكل.
يُنْتج الوقود السائل عادة قوة دفع أكبر من التي تنتج من احتراق نفس الكمية من الوقود الصلب في نفس الفترة الزمنية. كذلك فهو أسهل في بدء وإيقاف الاحتراق من الوقود الصلب. ويمكن التحكم في الاحتراق فقط بفتح أو غلق الصمامات.لكن يصعب التعامل مع الوقود السائل. فإذا خلطت عناصر الوقود دون إشعال، فإن الخليط سوف ينفجر بسهولة. كذلك يحتاج الوقود السائل إلى صواريخ أكثر تعقيدًا عما في حالة الوقود الصلب.
يستعمل العلماء صواريخ الوقود السائل لأغلب السفن التي تطلق إلى الفضاء؛ فعلى سبيل المثال، وفرت صواريخ الوقود السائل الطاقة للمراحل الثلاث في إطلاق مركبة ساتورن - ف.
الصواريخ الكهربائية.
صاروخ أيوني وهو نوع من الصواريخ الكهربائية. تحول ملفات التسخين الوقود مثل السيزيوم إلى بخار. تغير شبكة تأيين متسامتة من البلاتين الساخن أو التنجستن البخار إلى سيل من الجسيمات المشحونة كهربائيًا تسمى الأيونات.
تستعمل الطاقة الكهربائية لإنتاج قوة الدفع. وهذه الصواريخ تحتوي على 1- صواريخ القوس الكهربائي النفاث 2- صواريخ البلازما النفاثة 3- الصواريخ الأيونية. ويمكن أن تعمل الصواريخ الكهربائية لفترة أكثر بكثير من أي نوع آخر، لكنها تنتج قوة دفع أقل.
لا يقدر الصاروخ الكهربائي على رفع سفينة فضاء خارج المجال الجوي للأرض، لكنه يستطيع أن يدفع مركبة خلال الفضاء. ويعمل العلماء على تطوير الصواريخ الكهربائية لرحلات فضاء طويلة في المستقبل.
صواريخ القوس الكهربائي النفاثة تُسخِّن وقودًا غازيًا بشرارة كهربائية تسمى القوس الكهربائي. وهذه الشرارة يمكن أن تسخِّن الغاز إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف درجة الحرارة المنتجة بصواريخ الوقود السائل أو الصلب.
صواريخ البلازما النفاثة نوع من صواريخ القوس الكهربائي النفاثة.
يُوَلَّد سريان الغاز المتفجر بوساطة قوس كهربائي يحتوي على جسيمات كهربائية مشحونة. ويُسمى خليط الغاز وهذه الجسيمات بلازما. وتستعمل صواريخ البلازما النفاثة تيارًا كهربائيًا ومجالاً كهربائيًا لزيادة سرعة سريان البلازما من الصاروخ.
الصواريخ الأيونية تنتج قوة دفع بوساطة سريان جسيمات مشحونة كهربائية تسمى الأيونات. يُسمى جزء من الصاروخ الشبكة الأيونية التي تنتج الأيونات كأنها غاز خاص يسير فوق سطح الشبكة. تزداد سرعة سريان الأيونات من الصاروخ بوساطة مجال كهربائيِّ.
الصواريخ النووية.
صاروخ نووي يستعمل الحرارة من مفاعل نووي لتحويل الوقود السائل إلى غاز. يمر معظم الوقود خلال المفاعل. ويسخن بعض الوقود بوساطة فوهة الصاروخ ويمر خلال التوربين الذي يدير مضخة الوقود.
تُسخِّن الوقود بوساطة مفاعل نووي، وهو آلة تنتج الطاقة عن طريق انشطار الذرات. يصبح الوقود المراد تسخينه بسرعة غازًا متمددًا ساخنًا. وهذه الصواريخ تنتج طاقة تعادل ضعفي أو ثلاثة أضعاف ما تنتجه صواريخ الوقود الدّفعي الصلب أو السائل. ويعمل العلماء على تطوير الصواريخ النووية لرحلات الفضاء.
يُضَخ في الصواريخ النووية هيدروجين سائل إلى المفاعل خلال الجدار المحيط بمحرك الصاروخ. وتساعد عملية الضخ هذه على تبريد الصاروخ، وكذلك على تسخين الهيدروجين السائل. ويمر خلال المفاعل مئات من القنوات الضيقة. وعندما يمر الهيدروجين السائل خلال هذه القنوات، تقوم حرارة من المفاعل بتحويل الوقود إلى غاز متمدد في الحال. ويمر الغاز خلال فوهة العادم بسرعات قد تصل إلى 35,400كم/ساعة.
نبذة تاريخية
البداية.
يعتقد العلماء أن الصينيين هم الذين اخترعوا الصواريخ، لكن لا أحد يعلم متى كان ذلك. يصف المؤرخون أسهم الحرب الطائرة على أنها كانت صواريخ استعملت في الجيوش الصينية عام 1232م. انتشر استعمال الصواريخ في القرن الرابع عشر الميلادي في آسيا وأوروبا. وهذه الصواريخ الأولى كانت تحرق مادة تسمى المسحوق الأسود، الذي يتكون من فحم نباتي، ونترات البوتاسيوم وكبريت. لكن لعدة مئات من السنين كان استعمال الصواريخ في عروض الألعاب النارية يفوق في الأهمية استخدامها في المجال العسكري.
خلال بداية القرن التاسع عشر الميلادي، طور وليم كونجريف وهو ضابط في الجيش البريطاني الصواريخ التي تحمل متفجرات. وكان وزن بعض هذه الصواريخ يصل إلى 27 كجم ويحلق إلى ارتفاع 2,5كم. استعملت القوات البريطانية صاروخ كونجريف ضد جيش الولايات المتحدة خلال حرب عام 1812م. كذلك طورت كل من روسيا والنمسا وبعض الأقطار الأخرى الصواريخ الحربية خلال أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.
طوّر وليم هيل المخترع الإنجليزي دقة الصواريخ الحربية، وقد وضع ثلاث زعانف بدلاً من الذيل الخشبي الطويل الذي كان يستعمل لتوجيه الصاروخ. واستعملت قوات الولايات المتحدة صواريخ هيل في الحرب المكسيكية (1846-1848م) وخلال الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865م)، استعملها كلا الجانبين.
صواريخ أوائل القرن العشرين.
وضع مدرس ثانوي روسي اسمه، كونستانتين تسيولكوفسكي أول نظرية صحيحة لطاقة الصاروخ. وقد وصف نظريته في مقالة علمية نشرت عام 1903م. وأصبح روبرت جودارد العالم الأمريكي مبتدع الصواريخ الحديثة. ففي عام 1926م، تمكن جودارد من إطلاق أول صاروخ ذي وقود دافع سائل. ارتفع الصاروخ إلى مسافة 56 م في الهواء بسرعة حوالي 97كم/ساعة.
خلال الثلاثينيات من القرن العشرين تقدمت أبحاث الصواريخ في ألمانيا والاتحاد السوفييتي (سابقًا) والولايات المتحدة. فقد قاد هيرمان أوبرث مجموعة صغيرة من المهندسين الألمان والعلماء الذين قاموا بتجارب على الصواريخ، وقاد علماء الصواريخ الروس تساندر، وآي.أيه ميركولوف. بينما ظل العالم جودارد كما هو رئيس الباحثين في الولايات المتحدة.
خلال الحرب العالمية الثانية، طوّر علماء الصواريخ الألمان تحت قيادة فِرْنر فون براون القذيفة الموجهة القوية في-2 (V-2). قذفت ألمانيا لندن وأنتورب ببلجيكا بمئات من قذائف في-2 (V-2) خلال الأشهر الأخيرة من الحرب. واستولت القوات الأمريكية على عدة قذائف في-2 (V-2) وأرسلتها إلى الولايات المتحدة ليجري العلماء أبحاثهم عليها. وذهب فون براون بعد الحرب ومعه أكثر من 200 عالم ألماني إلى الولايات المتحدة ليكملوا ما بدأوه في الصواريخ، بينما ذهب بعض العلماء الألمان الآخرين إلى الاتحاد السوفييتي (سابقًا).
صواريخ الارتفاع العالي.
استفادت الولايات المتحدة من قذائف في-2 (V-2) التي استولت عليها من ألمانيا طوال عدة سنوات بعد الحرب العالمية الثانية، وقامت بمواصلة التجارب عليها، وكانت هذه هي أولى أبحاث الصواريخ التي تستعمل للارتفاعات العالية.
صممت أول صواريخ عالية الارتفاع وتم بناؤها في الولايات المتحدة وهي واك الجماعية وإيروبي، والفايكنج. وقد وصل الصاروخ واك الذي يبلغ طوله ستة أمتار إلى ارتفاع حوالي 72كم خلال تجارب الطيران عام 1945م. بينما ارتفعت الأنواع الأولى من إيروبي إلى ما يقرب من 120كم. وفي عام 1949م أطلقت البحرية الأمريكية صاروخ فايكنج وهو صاروخ ذو متفجرات سائلة بُني أساسًا على نظام في-2 (V-2). ويبلغ طول الفايكنج أكثر من 14م، أي أطول بكثير من إيروبي. لكن الأنواع الأولى من الفايكنج ارتفعت فقط إلى حوالي 80كم.
طورت القوات الأمريكية خلال الخمسينيات بعض الصواريخ. وقد شملت كلاًّ من جوبيتر وبيرشينج. ويبلغ مدى الصاروخ جوبيتر ما يقرب من 2,570كم وبيرشينج 725كم تقريبًا. أطلقت القوات الأمريكية بنجاح لأول مرة تحت الماء القذيفة بولاريس عام 1960م. استعمل علماء الفضاء بعد ذلك عدة صواريخ حربية تم تطويرها خلال الخمسينيات كأساس لإطلاق المركبات.
الطائرات الصاروخية.
في 14 أكتوبر 1947م، قام الكابتن تشارلز إلوود ييجر من القوات الجوية الأمريكية بأول رحلة فوق صوتية (أسرع من الصوت). فقد حلق بطائرة صاروخية تسمى إكس ـ 1. دفع الصاروخ السمائي بوساطة محرك صاروخي، جعل الطائرة تحلق على ارتفاع 24 كم في عام 1951م وسرعة 2,132كم/ساعة في عام 1953م. كما أن طائرة صاروخية أخرى هي "إكس ـ 15" ارتفعت إلى أكثر من 108كم في عام 1963م. ثم سجلت في عام 1967م سرعة بلغت 7,274كم/ساعة؛ أي أكثر من 6 أضعاف سرعة الصوت.
عصر الفضاء.
بدأ في 4 أكتوبر 1957م عندما أطلق الاتحاد السوفييتي (سابقًا) أول قمر صناعي سبوتنيك 1، بوساطة صاروخ ذي ثلاث مراحل. وفي 31 يناير 1958م، أطلق الجيش الأمريكي أول قمر صناعي أمريكي أطلق عليه اسم إكسبلورر-1، إلى المدار بصاروخ جونو-1. وفي 12 أبريل 1961م تم وضع رجل فضاء في مركبة يحملها صاروخ روسي، وهو الرائد يوري جاجارين في مدار حول الأرض لأول مرة. وفي 5 مايو 1961م حمل الصاروخ الأمريكي المُسمَّى رِدْسْتُون القائد ألن شبرد في أول رحلة في الفضاء. وفي 12 أبريل 1981م أطلقت الولايات المتحدة الصاروخ كولومبيا، أول مكوك فضائي يدور حول الأرض. من أجل معلومات أكثر حول الصواريخ في الفضاء.
المصدر :
الموسوعة العربية العالمية
الحقوق القانونية وحقوق الملكية الفكرية محفوظة لأعمال الموسوعة.
Copyrights (c) 2004 Encyclopedia Works. All Rights Reserved
[size=24]
معلومات ودراسات مختلفة عن الصواريخ :
إطلاق أول صاروخ بالستي روسي من طراز "أ – 4"
الصاروخ الروسي العابر للقارات R.C.18 "ر س – 18" (س س – 19 "ستيليت")
الصاروخ الروسي العابر للقارات R.C.18 "ر س – 18" (س س – 19 "ستيليت")
تقوم قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية بصورة منتظمة بإطلاق الصواريخ من أجل التأكد من أدائها وتقرير مواصلة استخدامها. ويصل مدى "ر س – 18" إلى 9600 كم. وتعتبر هذه الصواريخ سلاحا ذا أمانة عالية جدا، وتستخدم قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية حاليا أكثر من مائة صاروخ من طراز "ر س – 18" مرابط تحت الأرض يحمل كل منها رأسا حربيا تعادل قدرته 550 كيلوطن من مادة "تي. أن. تي".
وقال قائد قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية الجنرال نيكولاي سولوفتسوف يوم الجمعة الماضي إن الصواريخ من طرازي "ر س – 18" (س س – 19 "ستيليت") و"ر س 12 م" (س س – 25 "سيكل") سوف تستبدل تدريجيا بنموذج جديد من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات هو "ر س – 24" مزود برؤوس حربية انشطارية (ذات أهداف مستقلة متعددة). ويتميز هذا الصاروخ بقدرة عالية على تجاوز أنظمة الدفاع المضاد للصواريخ.
صاروخ "براموس"فوق الصوتي
***
الصواريخ الباليستية. الهجوم» من خارج الغلاف الجوي.
بقلم م. أحمد إبراهيم خضر
على الرغم من الاستخدام المحدود للصواريخ الباليستية إلا أن نظم مواجهتها والدفاع المضاد لها يحتل مكاناً بارزاً ضمن اهتمامات الدول الكبرى ويخصص لمشروعاتها المليارات من الدولارات للتغلب على الصعوبات التي تواجه هذه المنظومات وتطويرها وتحديث الصواريخ المضادة التي تعترضها. وكان أول قصف بالصواريخ الباليستية وقع على العاصمة البريطانية بصواريخ V2 الألمانية ولم يكن متيسرا في ذلك الوقت أي وسيلة ممكنة للدفاع ضدها لسرعتها العالية بل لم يكن من السهولة رصدها بالرادار البريطاني المتوفر وقتها كما أن وسائل الدفاع الجوي البريطانية المتمركزة في المدفعيات المضادة لم تكن قادرة على صد تلك الصواريخ ومنذ ذلك التاريخ ومحاولات التغلب على الصواريخ الباليستية وصدها تستأثر بنصيب الأسد من خطط تطوير الترسانة العسكرية بصورة عامة، على الرغم من التكلفة الباهظة وصعوبة مواجهة هذه الصواريخ.
تمتلك أكثر من 40 دولة أسلحة باليستية يصل مداها إلى 500 كم أما الصواريخ التي يزيد مداها عن ذلك ويصل إلى ما يزيد عن 000 ،10 كم فلا تمتلكها إلا الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الاتحاد السوفيتي القديم ، هذه الصواريخ ذات المدى البعيد متعددة المراحل ففي مراحلها الأولى للقذف غالبا ما تستخدم وقود صلب أما في المراحل التالية فيستخدم الوقود الصلب والسائل معا . من ناحية أخرى، يحتوى الصاروخ على أجهزة ملاحية مرتبطة بالأقمار الصناعية في توجيهها.
أما بالنسبة للصواريخ ذات المدى 500 كم فأقل فغالبيتها تتم برمجتها قبيل الإطلاق وتحمل هذه الصواريخ في الغالب رؤوسا حربية نووية في حالة استخدامها لمسافات بعيدة أما في المسافة القصيرة فتتنوع هذه الرؤوس من عادية إلى بيولوجية أو كيماوية و يقع 70 % من مسار طيران هذه الصواريخ خارج الغلاف الجوى الأمر الذي يزيد من صعوبة مواجهتها وصدها.
مشاكل الإنذار والكشف
كثير من قواعد إطلاق هذه الصواريخ يتم إخفاؤها جيدا حتى عن أعين الرصد الفضائي كما أن هناك أعدادا لا بأس بها من الغواصات النووية التي تجوب المياه العميقة للبحار والمحيطات حاملة هذه الصواريخ مما يجعل فرص مراقبتها صعبة واكتشاف الصاروخ بعد إطلاقه أمر غير ممكن عمليا إلا بعد ارتفاعه إلى الفضاء الخارجي وهنا تقل فرص الاكتشاف لطول المسافات واتساع نطاق البحث بالإضافة إلى تضاؤل الآثار المترتبة على حركة انطلاق الصواريخ من آثار حرارية أو رادارية وللتغلب على هذه الصعوبة لابد من تركيز الكشف في منطقة معينة وتخصيص قنوات مؤمنة وبأولوية خاصة لاستقبال هذه البيانات حتى يمكن إبلاغ المنظومات المضادة خلال فترة لا تزيد عن 5 ،1دقيقة لاتخاذ الإجراءات المضادة المناسبة وقد عقدت التقنيات الحديثة للإخفاء التي ظهرت في تلك الصواريخ من الأعباء الإضافية على وحدات الكشف والإنذار المضادة خذ على سبيل المثال صعوبة فرز المعلومات والبيانات الملتقطة وتحليلها واكتشاف الزائف من الحقيقي مثل هذه الإجراءات تستهلك وقتا ثمينا من العمق ألإنذاري قد تفقد المنظومات المضادة بسببه فرصتها في التصدي لهذه الصواريخ. ومن الصعوبات التي تواجهها أيضا أنظمة الإنذار تعرضها لإجراءات الإعاقة من الأجهزة الفضائية الموجودة بالأقمار المعادية التي تصدر مختلف أنواع الإعاقة.
صعوبات تشغيل المنظومات المضادة
تتكون المنظومات المضادة للصواريخ الباليستية من شبكات إنذار ونظم صاروخية مستعدة لإطلاق الصاروخ المضاد ومراكز قيادة وتنسيق وتكتنف إجراءات التصدي للصواريخ الباليستية صعوبات لكل نظام داخل هذه المنظومات فمن الصعوبات التي تواجهها وحدات الأنظمة الصاروخية المضادة ضرورة ارتفاع جاهزيتها على نحو يؤدي إلى زيادة هائلة في تكلفة التشغيل وتقليل العمر الافتراضي للمعدات الفنية أما من الناحية النفسية لأطقم التشغيل البشرية سواء أكانت عاملة على منصات الإطلاق وتجهيز الصواريخ أو داخل غرف القيادة والتحكم. فجميعهم يصيبهم الملل نتيجة للانتظار والترقب الطويل ومهما كانت ساعات عمل الطاقم البشري قصيرة نتيجة لنظام العمل بالفترة أو الوردية (Shift) فإنه من الضروري تغييره بأطقم أخرى وبصفة دورية وهنا تظهر صعوبة هذا الجانب إذ يصعب إيجاد عدد كبير من الأطقم البشرية القادرة على تشغيل هذه المنظومات بنفس الكفاءة والأداء.
وتعمل المنظومات الدفاعية ضمن نظام متكامل يشمل الدولة بالكامل ويضم أسلحة الاعتراض ليس فقط داخل الدولة ولكن خارجها أيضا إلى جانب القطع البحرية المنتشرة حول العالم أو القواعد الموجودة بالدول الصديقة إضافة إلى ما هو موجود بالمنصات الفضائية أو طائرات الدوريات والمظلات المستمرة على مدار اليوم كل هذا يعني ضرورة التنسيق الكامل لكافة هذه الوحدات على الرغم من صعوبة تنفيذ ذلك دون حدوث ثغرات أو مشاكل على سبيل المثال ليس من السهل حسم قضية المركزية واللامركزية في التشغيل والاشتباك مع الأهداف المحتملة وكثيرا ما يتم تغيير أسلوب التنسيق عند تغيير قائد أو إدخال عنصر جديد في الشبكة المضادة للاعتراض أو تطويرها بزيادة المدى أو إضافة تقنية جديدة لمقاومة الإعاقة.
مشاكل الاعتراض
منذ بدء ظهور أول منظومة لمقاومة الأسلحة الباليستية في منتصف عام 1955 ظهر جليا مشاكل التعامل مع هذه الصواريخ لكن لم تحل الكثير من المشاكل إلا في منتصف الستينات وخلال عقد السبعينات حيث ظهرت تقنيات وطفرات في ارتياد الفضاء خففت قليلا من المشاكل التقليدية لكن دون أن تتغلب على كل صعوبات الاعتراض واتضح للخبراء الأمريكيين أن منظومات مثل سبرنيت و سبارتان غير قادرة على مواجهة الصواريخ الروسية بالرغم من توفير عمق إنذاري فاق مداه2000 كم ووصل مدى التصدي له إلى 1000 كم تقريبا لذا فإن ظهور مبادرة الدفاع الإستراتيجي وما يسمى بحرب النجوم كان هو الحل الممكن في ذلك الوقت لمواجهة خطورة الصواريخ الباليستية ونظرا لعدم اكتمال صورته لم يستطع أي فرد أن يساند تلك المبادرة أو يعارضها مستندا إلى أسس علمية وواقعية مدروسة فمادام ليس من الممكن اعتراض الصاروخ في المرحلة الأولى من مساره حتى يخرج من الغلاف الجوي أو عدم جدوى تدميره فوق المدن التي سيدمرها في المرحلة الأخيرة من مساره فإنه من المنطقي أن يتم تدميره خلال الفترة الأطول من مساره، وهي الفترة التي يكون فيها مكتشفا ويجري تتبعه ولكن في الوقت نفسه سيكون خارج متناول الصواريخ المضادة وبعيدا عن مداها ولكن الحل الممكن الوحيد هو وضع سلاح مضاد بالأقمار الفضائية لتحديد منصات الدفاع الفضائية وحمل قنابل مدارية تعمل على تفجير هذه الصواريخ وأطلق فعلا في برنامج حرب النجوم 100 قمر صناعي لتغطية الولايات المتحدة وحمايتها من أي هجمة باليستية ومن أي اتجاه ولكن لم يتم تسليح هذه الأقمار بالأسلحة الفضائية الحديثة مثل مصادر القذائف المغناطيسية وأجهزة إنتاج أشعة الجزئيات والجسيمات ذات الطاقة العالية وتصل سرعات التصدي لهذه الأسلحة والقنابل المدارية إلى حوالي 25 ماخ (سرعة الصوت) وتصل قدرتها المبدئية إلى 1 ميجا طن وعندما أيقن كل من المعسكرين القديمين صعوبة إتمام هذا السباق ومشاكل وأسباب كل منهم المختلفة والمتنوعة التي تجعلهم غير قادرين على مواصلة هذا السباق العبثي فضلوا أن تظل المشكلة معلقة بدون حل واتجهوا إلى تخفيض أعداد الصواريخ الباليستية طويلة المدى وتحجيم رؤوسها النووية المتعددة خاصة وأن الردع النووي المضاد يمثل دفاعا ضد الصواريخ الباليستية ورؤوسها النووية ذات القدرات التدميرية الرهيبة.
أما المنظومات التي تتصدى للصواريخ الباليستية قصيرة المدى فقد نالت تركيزا أكثر فهي ممكنة ومتاحة عمليا ضمن منظومات الدفاع المضادة للصواريخ.
***
منظومة صواريخ "توبول- م" - سلاح القرن الحادي والعشرين
"توبول- م" الروسي
حضر الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الدفاع الروسي سيرغي ايفانوف مراسم دخول صواريخ "توبول-م" الخدمة العسكرية. إن منظومة صواريخ "توبول- م" تعتبر سلاح القرن الحادي والعشرين. وأكد على عدم وجود نظير لهذه المنظومة في الوقت الراهن، ولن يظهر في المستقبل القريب.
تتميز هذه المنظومة الصاروخية بسرعة انطلاقها، وقدرتها على تجاوز أي نظام للدفاعات المضادة للصواريخ حاليا وفي المستقبل.ويبلغ وزن هذه المنظومة 120 طنا، وطولها 22 مترا، وعرضها 4ر3 متر. وتتيح العجلات التي تحملها (12 عجلة) الالتفاف بدائرة يبلغ نصف قطرها 16 مترا. كما يعتبر الضغط الذي تشكله هذه المنظومة على الأرض أقل من ضغط الشاحنة الاعتيادية.
***
الصاروخ سلاح الحرب العالمية الثالثة والأخيرة
شيطان" بوتين صاروخ "لا مثيل له في العالم"!
بقلم غسان أبو حمد
سرعة وتمويه وعشرة رؤوس نووية دفعة واحدة
الصاروخ الروسي "توبول" أو شيطان بوتين محمولا على عربة متنقلة
"شيطان": قدرة تدمير المدن الأميركية في ساعة واحدة
انشطار الصواريخ الروسية يفقد رادارات الغرب صوابها
البثّ الأميركي للإشعاع الممغنط وللشائعات فكّك أوصال الجيش العراقي
صاروخ "سام" فورة نجاح سريعة عطّلتها التقنيات الإسرائيلية الحديثة
يتفّق المحللون العسكريون على أن سلاح الصاروخ هو عماد الحرب العالمية الثالثة (والأخيرة) حتما. فهذا السلاح المزوّد برؤوس نووية، والذي ينطلق بكبسة زرّ بسيطة، لا يمكن تحديد خسائره ولا حصر نتائجه، وهو ينتمي إلى القاعدة المقدّسة في عالم المتفجرات حيث "الخطأ الأول هو الخطأ الأخير"!..
ويحكم عالم صناعة الصواريخ ومزاياها في أسواق التجارة السلاحية ثالوث من القدرات، هي أولا، القدرة على السرعة والحمولة، وثانيا، القدرة على التمويه، وثالثا، الدقة في إصابة الهدف.
وفي سبيل تأمين هذه العوامل المركبّة التي تفتح أسواق العرض والطلب التجارية، والتي تخفي معالم القوة والهيمنة لدى الدول، لا تتورّع الشركات المنتجة للصواريخ، في سبيل تسويق إنتاجها، عن استخدام جميع وسائل الدعاية وحتى الغشّ والكذب عند اللزوم، كي تستدرج عروض البيع استنادا إلى المزايا النظرية والتجربة الميدانية فقط، ذلك أن الصاروخ، الذي يستخدم لمرة واحدة فقط، ينتمي إلى أنواع البضاعة المباعة، التي "لا تستبدل ولا تردّ"، أي التي تتبخّر بعد استخدامها!.
كيف بدأت قصّة الصواريخ وتدرجت في العالم حتى وصلت إلى الأقمار والكواكب؟، وما هو دور ألمانيا (أمّ الصواريخ) في التأسيس لهذا السلاح، المفيد والسيئ بحسب طبيعة استخدامه؟ كيف طوّر خبراء العراق الصواريخ السوفياتية؟ ومتى تنفجر صواريخ باكستان والهند النووية؟ وأخيرا ها هي تركيا تحصل على نظام صاروخي متطور من إنتاج المصانع التركية، مما يعني أن هذا البلد دخل مرحلة التصنيع الصاروخي وأن الأرضية باتت صالحة للمزيد من التطور، مع العلم أن مواصفات الصواريخ التركية لم تنكشف تماما بعد..
ثم ماذا عن إيران وماذا عن برامجها النووية، وأي صواريخ ستحمل الرؤوس النووية الإيرانية؟
وأخيرا.. ما هو دور الغشّ والكذب في سوق تجارة الصواريخ، والبرهان على هذا الكذب هو ما حصل في حرب الخليج الثانية، من خلال التركيز "التلفزيوني" المبرمج على قدرات صاروخ "باتريوت" الأميركي، الذي تمكن من "اصطياد" صاروخ "سكود" السوفياتي الصنع والعراقي الاستخدام... فما هي هذه القصة- الكذبة؟!..
والعالم إلى أين في ظلّ هذه الغابة من الرؤوس النووية؟؟ وهل سيكون هناك يوم آخر بعد الانفجار؟
الحديث عن عالم الصواريخ طويل وشاق نظرا لشحّ المعلومات المتوفرة ونظرا لحالات التضليل والتمويه التي تلفّ هذه الصناعة تأمينا لتسويقها في أسرع وقت. ويبقى أن عالم الصواريخ هو العالم الوحيد الذي "يضحك فيه جيدا من يضحك أخيرا"... هذا في حال بقي إنسان على الأرض وبقي مجال للضحك في نهاية العالم!..
** ** **
في أواسط شهر نوفمبر من هذا العام، زفّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وسائل الإعلام خبرا مميزا لفت الأنظار وأثار العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والعسكرية.. أعلن الرئيس بوتين وهو يرتدي بزّة عسكرية وعقب تدشين إطلاق أول صاروخ "مجهول المواصفات والقدرات"، أن "الصواريخ الروسية الجديدة لا مثيل لها في العالم"..
ولم يفصح الرئيس الروسي عن المزايا القتالية والمواصفات الميدانية العسكرية للصاروخ الجديد الذي "لا مثيل له في العالم"، لكن المتابعين لشؤون التسلح علموا لاحقا، أن الصاروخ الجديد يحمل في القاموس العسكري الروسي تسمية (TOPOL-M) ، بينما أطلقت عليه القيادة العسكرية لحلف الأطلسي تسمية "شيطان"، وهي تسمية مستقاة من وحي "المجهول والشرير"..!.
وفي رأي المحللين العسكريين والسياسيين أن كلام الرئيس بوتين، في هذا الوقت بالذات، عن صاروخ روسي "لا مثيل له في العالم" يحمل تفسيرات ورسائل عديدة، داخلية ودولية، أهمها:
- إنذار مبكر إلى دول العالم، بأن روسيا لا زالت لاعبا هاما ورئيسيا على الساحة الدولية، ومن غير المسموح تغييب دورها عن رسم الخريطة الجيو-سياسية للعالم الجديد. ويطالب بعض الخبراء العسكريين الروس، في تحليلات وتعليقات تنشرها مجلة "جيش الشعب" العسكرية، بعدم التنازل عن الحصّة الروسية في مغانم العالم الجديد، والذي تطلق عليه تسمية (PAXA-AMERICANA) بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والذي يقام على أنقاض الخريطة البريطانية (PAXA-BRITANICA) ، المرسومة في القرن الماضي لتوزيع مغانم الاستعمار واستلاب خيرات الدول الفقيرة.
- إعادة الاعتبار والكرامة إلى الجيش الروسي، الذي فقد بريقه مع نهاية الحرب الباردة وسقوط حلف "وارسو"، وخاصة مع زوال "الجيش الأحمر السوفياتي"، الذي كان مدرسة في الانضباط والذي واكبته صفة "العظيم" والذي حمل مهام التوازن العسكري مع المعسكر الغربي. وفي هذا السياق، وبحسب مصادر أمنية روسية، يستهدف الرئيس فلاديمير بوتين استنهاض الروح المعنوية والوطنية لدى الجيل الروسي الجديد من الشباب والذي يبتعد تدريجيا عن مهام التطوّع في جيش البلاد وينصرف إلى مغريات الدعاية الأميركية، التي تبثّ مناخ التراخي والميوعة والاستسلام..
- الإعلان دوليا بأن روسيا خرجت من عزلتها وتحرّرت من مرارة هزيمة "الإتحاد السوفياتي"، وأنها الوحيدة صاحبة الحق الشرعي والوحيد في وراثة أمجاد "القوة العسكرية السوفياتية والسيطرة على الفضاء". وفي هذا المجال يقول دبلوماسي روسي يعمل في السفارة الروسية في برلين:"إن روسيا كانت على الدوام المحرك الرئيسي للعظمة والقوة السوفياتية، وفي سبيل تقوية معنويات حلفائنا في الإتحاد ارتضينا على مضض تعبير - القنبلة السوفياتية والباليه الروسية- مع العلم أننا نملك الاثنين معا!.."
- إن تركيز الرئيس الروسي بوتين على مزايا "الصاروخ الذي لا مثيل له في العالم" من دون سواه من الأسلحة، له دلالات داخلية وخارجية خاصة. من المعروف أن "القطبة المخفية" في هزيمة الإتحاد السوفياتي في الحرب الباردة، لم تكن في الفذلكة العقائدية السطحية التي حملها الرئيس السوفياتي الأخير ميخائيل غورباتشوف في ورقتي "البريستوريكا والغلازنوست"، بل كانت في الخلل العسكري الإستراتيجي بين المعسكرين والذي تجلى في إعلان الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان عن نجاح خطة "الضربة الصاروخية الوقائية" التي تحركها وتوّجهها الأقمار الاصطناعية، والتي تتمكن من تدمير أي صاروخ معاد يستهدف أراضي الولايات المتحدة الأميركية. هذا الإعلان الأميركي وضع القيادتين، العسكرية والسياسية السوفياتية، أمام خيار الهزيمة. ويستخلص من التحليلات العسكرية والسياسية الصادرة في حينه، أن الإعلان الأميركي عن نجاح مخطط "الضربة الصاروخية الوقائية" أصاب القيادة السوفياتية في مقتلين: الأول، هو التكلفة المالية الباهظة لأي برنامج عسكري سوفياتي يوازن السلاح الصاروخي الأميركي الجديد، وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في دول المنظومة الاشتراكية، والثاني والأهم، هو سقوط "العقيدة العسكرية" السوفياتية، التي عمادها الصواريخ والمدفعية الثقيلة..!
"شيطان" روسيا الجديد
في حديثه عن الصاروخ "الذي لا مثيل له في العالم" أعاد الرئيس فلاديمير بوتين الاعتبار إلى إمكانية التوازن العسكري الجديد مع الولايات المتحدة الأميركية. وتفيد أول المعلومات الأمنية حول مواصفات الصاروخ "شيطان" الروسي، بأنه يشكّل محاولة التفاف على الصواريخ الأميركية الموجهة بواسطة الأقمار الاصطناعية. إن الميزة الرئيسية لصاروخ "شيطان" الروسي أو (TOPOL-M) ، هي، أولا قدرته على "التخفّي والتمويه" بالإضافة إلى تعطيله للرادارات الأميركية المتطورة، وثانيا، سرعته الفائقة، وثالثا، مجاله الذي يتجاوز العشرة آلاف كيلومتر ويجعل جميع المدن الأميركية تحت رحمته، ورابعا، وهذا الأهم، قدرته على حمل عشرة رؤوس نووية دفعة واحدة.."إنه شيطان يملك مفاتيح الجحيم" كما وصفه الجنرال الألماني مايكل بيلز!.
وتفيد المعلومات الأمنية أيضا، أن القدرات والمزايا لصاروخ "شيطان" ليست في محتواه فقط بل أيضا في قاعدة انطلاقه التي تعمل بواسطة الطاقة الذرية والتي تسمح بتجاوزه لسرعة فائقة تمكنه من الوصول إلى أي مدينة أميركية، وخاصة نيويورك، في اقلّ من ساعة!! هذا الميزة في السرعة الفائقة تساهم إلى جانب ميزة التمويه في شلّ قدرات الضربة الصاروخية الوقائية الأميركية.
ويرى محللون غربيون أن الإعلان المفاجئ وغير المتوقع الذي صدر عن الرئيس فلاديمير بوتين حول مزايا صاروخ "شيطان" يتناسب مع شخصيته الغامضة والمتناقضة. إنه "رجل الاستخبارات السوفياتية ال (كا.جي.بي) الذي قاد شبكة المخبرين السوفيات في الموقع المواجه الأول على جدار برلين الشرقية" وهو إلى ذلك أيضا، "الروسي القومي المتشدد المغرم ببطرس الأكبر، حيث يعلّق صورته على جدار مكتبه"، وأخيرا، هو "اللاعب المتفوّق في لعبتي الجيدو والكاراتيه، وعمادها قفزات الهرّ الخفيفة والمتنقلة والمفاجئة.." هذه الشخصية المركبّة في مجموع التناقضات لا زالت حتى الآن تثير شهية الاستخبارات الغربية لكنه جوهر هذا الرجل الغامض. ويكتفي المستشار الألماني غيرهارد شرودر بالقول:"على الرغم من التناقضات يبقى فلاديمير بوتين صديقا للغرب، والمهم البارز في شخصيته، هو مشاركته الفعالة في مكافحة الإرهاب الدولي، لكن أيضا، إعادة بنائه للدولة الروسية على أسس الديمقراطية والانفتاح على الأسواق الحرّة".
هذا التحديد "بسيط وعام"، يقول الجنرال الألماني مايكل بيلز لصحيفة "بيلد" الألمانية، وفي نظر هذا الجنرال العسكري الخبير أن بوتين لا يستطيع "تغيير جلده" ببساطة، والبرهان هو في التهديد المبطن لامتلاكه سلاحا مدمرا "لا مثيل له في العالم" هو الصاروخ "شيطان" الذي ينسجم مع "العقيدة العسكرية للجيش الأحمر"!.
عقيدة الجيش الروسي
كل شيء تغيّر في روسيا ما عدا تركيبة الجيش وعقيدته. وتعود الأسباب في ذلك إلى خيار التوفير المالي وشحّ الخزينة الروسية، الذي فرض الاستمرار بإتباع العقيدة العسكرية للجيش السوفياتي الأحمر، التي تقوم على عماد العدد عوضا عن الخبرة والنوعية، وعلى عماد السلاح الثقيل (مدفعية ودبابات وصواريخ) عوضا عن التقنية المتطورة في جيوش الغرب المرتكزة إلى "جيش الخبراء القليل العدد" (الولايات المتحدة الأميركية والمانيا وفرنسا) والسلاح الخفيف المتطور في الطائرات الحربية والدبابات والمعلوماتية (طائرات تورنادو وميراج وأسراب "أف- 18" وما تلاها، ودبابات ليوبارد وفوكس الألمانية"، بالإضافة إلى أسلحة الإشارة والاتصال المتطورة..).
وفي المنطق العسكري الروسي أن السلاح الثقيل له هيبة ورهبة خاصة ويؤمن القدرة على المسح الشامل لميدان المعركة من خلال الانتشار العسكري، كما توفّر المدفعية الثقيلة عملية "تنظيف" مواقع العدو قبل بدء التقدم العسكري الجرار، كما وأخيرا تستطيع الصواريخ "تنظيف" خطوط العدو الخلفية وتدمير مؤسساته ومنشآته وثكنه العسكرية وخطوط مواصلاته، بالإضافة إلى تدمير الطائرات الحربية المغيرة.. هكذا أستند الجيش الروسي إلى عقيدة العدد في مواجهة النوع، السلاح الثقيل والمدفعية في مواجهة السلاح الخفيف والمعلوماتية، وأخيرا الصواريخ المدمرة وغير المكلفة في مواجهة الطائرات الحربية الغربية الباهظة الثمن.
ويستمر الجيش الروسي متابعا على هدى العقيدة العسكرية السوفياتية، وفي هذا المجال خصصت القيادة الروسية مبلغا هائلا لتطوير الصواريخ حيث جرى الإعلان عن أكثر من ستّ تجارب صاروخية في خلال خمس سنوات، بينما كانت هناك تجارب لم يكشف النقاب عنها، وإن كانت المجلات العسكرية الغربية أشارت إلى بعضها نقلا عن صور الأقمار الاصطناعية.
على أي حال، لم تعد التجارب الروسية الجديدة على الصواريخ البعيدة المدى محصورة بالسرعة وتطوير المدى، وهذه أمور باتت محسومة، بل يجري العمل، داخل مختبرات الصناعة العسكرية على تطوير الرؤوس النووية وتطوير إمكانيات التمويه لتفادي الضربات "التقنية" التي يمتلكها الغرب. وآخر ما يشار إليه في مجال التمويه، حالات الانشطار أثناء طيران الصاروخ مما يعطل على الرادارات الغربية قدرة ملاحقة الشطر الحقيقي الذي يحمل الرأس النووي المتفجر، وهذا يجعل الاحتمالات للضربة الصائبة في حدود نسبة واحد إلى عشرة.
"تعريب" العقيدة العسكرية الروسية
يرى العديد من الخبراء العسكريين أن جميع الجيوش العربية التي تسلحت من الإتحاد السوفياتي، وتحديدا مصر وسوريا والعراق وليبيا والجزائر..، هي اليوم مشلولة الفعالية تماما وغير قادرة على أي مواجهة ميدانية. والسبب في ذلك بسيط ويتعلّق في غياب قطع الغيار للمعدات العسكرية (أضطر العراق قبل سقوط نظام صدام حسين للبحث عن معدات وقطع غيار للأسلحة السوفياتية التي يملكها من المصانع الألمانية لكن الاستخبارات الغربية عطّلت أكثر من صفقة في هذا المجال، وخاصة صفقة المظلات التي تنفتح خلف الطائرة الحربية لفرملة هبوطها على المدارج القصيرة المدى)، وخاصة معدات الأسلحة الثقيلة كالدبابات المجنزرة والتي لا يمكن إجراء تطويرات تقنية عليها، كتزويدها بتقنية الكومبيوتر أو أجهزة التبريد ضد الحرارة القاسية في الصحارى العربية.
إلا أن الخطير وراء تشاؤم الخبراء العسكريين حول فعالية الجيوش العرب